الضدّين كالوجوب والاستحباب ، مثلا اذا امر الشارع باطاعة الوالد والوالدة ، فكل فعل امر به الوالد تتّصف بالوجوب لاشتماله على مصلحة الاطاعة ، وكذا يتّصف به ما امرت به الوالدة فاذا اتّفق انّهما امرا بفعل واحد شخصى اشتمل ذلك الفعل على المصلحتين الصالح كل منهما لايجاب ذلك الفعل على حدها.
وامّا الطلب الايجابى فيستحيل اتصافه به مرتين ، بل لا بد حينئذ باتصافه بالوجوب مرّة لكنّ مع تاكّده وقوّته حسب تاكّد المصلحة الداعية له ، فيكون علة ايجاب هذا الوجوب المؤكد انطباق الفعل على الطاعتين ويكون علّة ايجاب طبيعة الوجوب السارية الى جميع مراتبه القوية والضعيفة ، هو القدر المشترك بين اطاعة الوالدين واطاعة احدهما.
وبهذا البيان يندفع ما يتوهم فى مثل المقام كوجوب الوضوء المسبّب عن الاحداث المجتمعة فى الوجود دفعة من توارد العلّتين على المعلول الواحد.
والحاصل : انّ اجتماع الوجوب والاستحباب العينيين من المستحيلات الواضحة لكن اجتماع اسبابها ـ اعنى المصلحتين ـ لا مانع منه عقلا ونقلا ، كما لا مانع من القول بتأكّد الطلب فى صورة الاجتماع ، لانّ الطلب والكراهة نحو الحبّ والبغض مما يقبل الشدة والضعف ويساعده المركوز فى انفسنا من اختلاف مراتب الواجبات والمحرمات المطلوبية ، حتى انّ قياس حفظ نفس الامام ـ عليهالسلام ـ مثلا بترك النظر الى الاجنبية لا يكاد يقبله طبع عاقل فضلا عن مسلم.