والمعنى الاوّل اخذناه من حاقّ العبارة وبقرينة صدور هذا القول من متكلمى الاصحاب قبال الاشاعرة القائلين : ب «جواز التكليف بما لا يطاق» مستدلين بانّ افعال العباد حين الوجود يخرج بالاخرة عن صفة الاختيار وتتّصف بالاضطرار والامتناع الّذي لا شبهة فى كون التكليف بها تكليفا بالمحال وبما لا يطاق. (١)
ودعوى : انّ التكاليف الالهية كواشف عن المصالح والمفاسد النفس الامرية ولا استحالة فى تعلقها ـ بهذا المعنى ـ بالممتنعات العرضية لحصول الغرض من التكليف حينئذ وهو الكشف ـ كما عن سلطان العلماء ـ مدفوعة :
اولا ـ بالممتنعات الذاتية.
وثانيا ـ بانّ قصر التكاليف فى مجرّد الكشف لا يكاد ينطبق على شيء من الآثار وكلمات الاخيار فانّهما بمشاركة [...](٢) قاضيان باشتمال التكاليف الالهية على الطلب والارادة نحو ما فى الاوامر العرفية ، وانّها ليست كاوامر الطبيب فى مجرد الكشف والتجرد عن الطلب والارادة.
وكيف كان فهذا تحقيقه يطلب فى مقام آخر والمقصود فى المقام هو الاشارة الى وضوح فساد القول بجواز التكليف بما لا يطاق التكليف الحقيقى مطلقا ، ولعل المستدلّ ـ وهو الفاضل القمى ـ لا يريد بذلك التكليف الحقيقى بل انّما يريد به معنى آخر قريب من قول المشهور بارتفاع الخطاب و
__________________
(١) ـ راجع : البحر المحيط : للزركشى ج ١ ص ٣٨٦ وبعدها.
(٢) ـ الكلمة الموجودة هنا لا تسهل قراءته.