لانّ القول بمجرّد مقدمية الترك للفعل لا يقتضى الاستحالة مع انكار مقدمة الفعل للترك.
لانّه اذا لم يكن الفعل مقدمة للترك وعلّة له ـ كما يقول به المشهور ـ جاز مفارقة الترك حينئذ عن الفعل عقلا ، نظرا الى عدم كونه معلولا للفعل حتى يمتنع انفكاكه عنه.
وكيف كان فتحقيق اصل المسألة موقوف على معرفة حكم المتلازمين فى الوجود الخارجى من حيث جواز اختلافهما فى الحكم وعدمه.
فنقول : امّا المتقارنان بحسب حكم العقل (من حيث) الاتفاق ، فمن ضروريات حكم العقل جواز اختلافهما حكما لامكان انفكاك كل منهما عن الآخر ذاتا ، كما هو المفروض وما لا يجوز فيه الانفكاك لامر عرضى فهو مندرج فى احد القسمين الآخرين الآتيين.
وامّا العلّة والمعلول فقد عرفت فى البحث عن المقدّمات انّ حرمة المعلول يقتضى حرمة العلّة عقلا ، وقد تقدّم هناك تفصيل الكلام فى ذلك وقلنا : انّ قبح علّة الحرام من اوليات حكم العقل ولو كان غيريا غير موجب للعقاب غير العقاب المترتّب على فعل المعلول ، ويدلّ على ذلك تعليل تحريم بعض المحرّمات فى الشريعة بقبح المعلول ، كما يستفاد من الآية الشريفة (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ)(١) ... الآية انّ حرمة الخمر والميسر لاجل كونهما سببين لقبائح أخر من البغضاء والعداوة ونحوهما.
__________________
(١) ـ انّما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر : المائدة ـ ٩١