فيجب فعل ما يقتضى وجوده وترك ما يقتضى تركه كترك الحركة المقتضى لتحقّق السكون الواجب وترك ما يقتضى فعله عدم التمكن منه كالمنافيات ، فالضدّ ان كان مما يوجب فعله عدم التمكّن من الواجب كالسفر المانع من ايصال الحقّ المضيّق الى صاحبه ، فهو محرّم سواء قصد به الغاية المحرّمة ام لا.
لانّ اباحته يقتضى عدم الاثم فيما يترتّب عليه فلو لم يكن الضدّ لعدم التمكّن منه محرما لزم خروج الواجب عن كونه واجبا.
ولانّ قضية اناطة الاحكام بالحكم والمصالح هو تحريم ما يقتضى رفع التمكن من فعل الواجب ولما ورد من النهى عن دخول البحر قبل الصلاة لمن لا يتمكّن من الخروج عنه لا دائها وغير ذلك.
وان لم يرفع تمكّنه بل كان فى جميع احوال الضد متمكّنا من تركه واداء الواجب ، فلا يلزم من ايجاب الواجب تحريم مثل هذا.
هذه خلاصة ما حكى عنه من الاستدلال على الفرق ، ونحن نزيد عليها بانّ فعل الضد فى الاوّل وهو الرافع للتمكن عن الامتثال بالواجب سبب لتركه ، اذ لا معنى للترك الّا صيرورة الواجب بحيث يتعذّر المكلّف عن الامتثال به تعذّرا اختياريا بخلافه فى الثانى فانّ الاشتغال بالضدّ هنا غير دافع للتمكّن كما هو المفروض ، ومن المعلوم انّ ترك الواجب حرام ويحرم كذلك فعل الضدّ الرافع لما تقدّم من انّ علّة الحرام حرام.
وقد اجاب فى الفصول عن هذه الأدلّة فى كلمات طويلة كلّها او جلّها مبنية على وجوب المقدّمة الموصلة خاصّة الّذى عرفت فسادها.