والحاصل انّه بعد ما دلّ الدليل على حدوث المسبّب بعد تحقق السبب الثانى ، فلا فرق فى وجوب تغايره للمسبب الاوّل بين جعل السبب الثانى علة حقيقية او معرفا للحكم الحادث عنده او كاشفا عن حدوث سبب حقيقى جديد موجب لمسبب جديد.
ولا فرق فيما ذكرنا بين ان يرد الدليل على وجه الدوران كالجملة الشرطية او مقيدا لوجود الحكم عقيب وجود السبب على وجه يفهم منه الترتيب الطبيعى بينهما ، كقوله : كذا يوجب او يجب كذا عند كذا.
فان جميع ذلك يدّل على وجوب حدوث المسبّب عقيبه ، سواء جعلته مؤثرا ام كاشفا.
وكذا ورود الدليل بعبارة السبب ، فانه ظاهر فى الترتيب ايضا.
والقول «بان الاسباب معرفات» ليس معناه انّ لفظ السبب مستعمل فى المعرف فيكون قوله : كذا سبب لكذا مرادفا لقوله : كذا معرف لكذا ، حتى لا ينافى تقدّمه فى الوجود الخارجى على المعرف ، بل المراد من ذلك انّ ما جعله الشارع فى ظاهر الأدلّة منشأ لترتّب حكم شرعى عليه وحدوثه عنده ، فليس هو المؤثر الحقيقى فى ذلك الحادث وانّما هو كاشف عن المؤثر ومعرّف له ، فمعرفته انّما هى بالنسبة الى الحكم الحادث عنده لا جنس ذلك الحكم حتى لا ينافى تقدمه عليه.
فمعنى قول الشارع : البول سبب لوجوب الوضوء ، انّ البول مطلقا وان كان مسبوقا بالنوم معرّف وكاشف عن علّة حقيقية لحدوث وجوب الوضوء عنده ، فلا بد ان يكون هذا التكليف مغايرا للتكليف الحادث عقيبا.
فان قلت : انّ السبب فى الشرع ـ كما عن صريح النهاية ـ هو كل وصف