وامّا عدم دلالته على انتفاء الحرمة عن مطلق غير الحامض فلان غاية المنطوق عموم الحكم لجميع ما وجد فيه الاسكار لاجل الاسكار.
فلعلّ الاسكار علّة تامّة للتحريم فى موارده لا لاصل التحريم ، حتى يقال انّ العلّة التامّة يستحيل تعدّدها ، فلو كان غير الحامض محرّما لزم ان يكون لعلّة غير الحموضة ، فيلزم تعدّد العلّة التامّة.
نعم لو قيل : انّ غير الحامض غير محرّم ، لاصالة عدم علّة اخرى للتحريم ، نظير ما ذكرناه فى اثبات اتحاد السبب فى الجملة الشرطية ، فافهم (١).
هذا كلّه مضافا الى ما علم من الاستقراء من انّ علل الاحكام غالبا متعددة يقوم بعضها مقام بعض ، ولهذا لا تجد تناقضا بين قول القائل : لا تأكل الرمان لانّه حامض ، ولا تأكل البطيخ لانّه رطب ، ولا تأكل كذا لانه كذا.
ثمّ انّ محل الكلام فيما اذا كانت العلّة امرا ثبوتيا وامّا ان كانت نفيا : فان كان المعلول حكما ثبوتيا ، فيدلّ على انّ ثبوت المنفى علّة لانتفاء المعلول ، كما فى قولك : «ابيح عصير الزبيب لانّه لا يسكر» وان كان حكمها سلبيا لم يدلّ كما فى قولك : «لم يحرّم عصير الزبيب لعدم الاسكار» فانّ مدلوله مدخلية الاسكار فى التحريم لا عليّة له فافهم.
__________________
(١) ـ كذا سياق كلام المصنف ـ ره ـ فى الاصل المخطوط