هذا عنواناتهم لمحل النزاع ، وامّا دلالة ادلتهم المذكورة من الطرفين على ان الخلاف فى حكم العقل باستحقاق الثواب والعقاب :
فمنها : استدلال العدلية بانه لو لم يحكم العقل بالحسن والقبح لزم افحام الانبياء لعدم وجوب النظر حينئذ فلو لم يكن المراد بالحسن معنى يوجب حكم الشارع بالوجوب لم يلزم من حكم العقل عدم الافحام لان الوجوب العقلى وهو مجرد استحقاق الذم على الترك غير كاف فى بعث المكلف على النظر فى المعجزة ، وكذلك كلامهم بانه لو لا حكم العقل بالحسن والقبح لم يجب معرفة الله تعالى.
ومنها : استدلال الاشاعرة بآية : «وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا» (١)
فانه لو لا كون النزاع فى حكم العقل باستحقاق العذاب لم يكن وجه للتمسك بنفى التعذيب قبل بعث الرسل ، لان حكم العقل على هذا لا يثبت العذاب حتى ينفيه ، ولم يكن معنى لردّ العلامة وغيره هذا الاستدلال (٢) بان الآية مؤولة لمصادمة العقل القطعى ، اذ لو لا المنافاة لم يحتج الى التأويل.
وايضا الثمرات التى ذكروها للنزاع ايضا دالّة على ما ذكرنا ، فان العضدى ذكر فى مسئلة شكر المنعم : انه لا يحكم العقل بوجوب شكر المنعم [و] قال :
فلا اثم فى تركه على من لم يبلغه دعوى النبوة خلافا للمعتزلة انتهى.
وبالجملة لا مجال للشك فيما ذكرنا من ان من قال بحكم العقل قال بكونه دليلا على الحكم الشرعى.
__________________
(١) ـ الاسراء : ١٥.
(٢) ـ كذا فى الاصل.