اتفاق اصحابنا والمعتزلة على كون التكليف فيما يستقل به العقل لطفا فلا يخل به الحكيم.
فنقول : ان الحكم الالزامى لا يجوز ان يتعلق بفعل القبيح ولا التحريمى بفعل الحسن لما ذكرنا من عدم حكم الشارع بخلاف حكم العقل فى اعتقاد الغافل ، فلا يرد ما قيل من ان المسلم ان الشارع لا يوجب القبيح الواقعى ولا يحرم الحسن الواقعى لا ما حكم عقولنا بقبحه وحسنه.
توضيح الرد انه ليس لنا مرآة للواقع الا اعتقادنا ولا ينفعنا التكلم فى الواقع مع قطع النظر عن الاعتقاد ، والّا فانا لا ننكر ان الشارع لا يتعدى فى حكمه الحسن والقبيح الواقعيين دون المحكوم بهما فى عقولنا لكن الواقع لا يوصل اليه الّا بالادراك فالمدرك واصل فى اعتقاده وان كان مخطأ.
وكذلك لا يجوز حكم الشارع بكراهة ما يستحب عقلا او تحريمه او استحباب ما هو مكروه غير محرم عقلا او ايجابه ، بخلاف ايجاب المستحب والمباح وتحريم المكروه والمباح.
والحاصل ان الحكم الشرعى دائر مدار حسن التكليف فاذا لم يؤد صفة المكلف به من الحسن او القبح الى قبح التكليف بخلاف مقتضى صفة الفعل فلا مانع عن الاختلاف وان ادى فلا يجوز ، ومن هنا ظهر فساد تجويز التخلف مطلقا وكان منشأ توهم ذلك ما يتراءى من التخلف فى بعض موارد التى ذكرها وليس شيء منها فى الحقيقة من موارد التخلف.
منها : ان الشارع كثيرا ما يرفع وجوب شيء بلزوم العسر على الفاعل بل قد يوجب العسر على اكثر الفاعلين رفع الحكم عن الكل ، ولا يخفى ان الحكم العقلى هنا موجود خصوصا فى مورد فقد الحرج مطلقا ، والّا لم يكن