بان حكم الشرع موافق لحكم العقل.
ويضعفه ما عرفت من ان تلك الكلية لم يثبت بدليل عقلى ولا بطريق نقلى يفيد العلم بالكلية وعدم التخلف ، وان لفّقنا لها جملة من الآيات والاخبار المعتضدة بالاستقراء والاعتبار.
فالتحقيق فى المقام ، التفصيل فى حكم العقل بين ما اذا كان الحكم ارشاديا يقصد منه التبعيد عن المفسدة والتقريب الى المصلحة وبين ما اذا كان حكمه لاجل ملائمة الفعل فى نفسه او منافرته كذلك.
فالأوّل لا يلازم حكم الشارع الّا على النحو الذى حكم به العقل من الحكم الارشادى نظير امر الطبيب الذى لا يترتب على مخالفته عدا المفسدة دون الحكم على النهج المتعارف بين الموالى والعبيد.
والثانى : فيه تفصيل بين الاحكام بان يقال ان العقل اذا استقل بوجوب شيء او حرمته بحيث لا يرضى بتركه او بفعله بعد الاحاطة بجميع ما هو عليه من الخصوصيات ، فالحكم الالزامى لا يجوز ان يتعلق بفعل القبيح ولا التحريمى بفعل الحسن لما ذكرنا من عدم حكم الشارع بخلاف حكم العقل فى اعتقاد الغافل ، فلا يرد ما قيل من ان المسلم ان الشارع لا يوجب القبيح الواقعى ولا يحرم الحسن الواقعى ولا ما حكم عقولنا بحسنه او قبحه ، فلو حكم الشارع هنا فلا يحكم بخلافه.
وامّا وجوب صدور الحكم منه فلم يثبت عليه دليل غاية الامر انه يجب عليه بيان المصالح والمفاسد ، وهو لا ينحصر فى انشاء الحكم ، لكن هذا المقدار كاف بعد ما ثبت ان لكل واقعة حكما ، مضافا الى ما سيجيء من