فلا يقدح على القولين كون ترك المراعات قبيحا.
ألا ترى ان الله سبحانه منّ على نبيه ـ صلىاللهعليهوآله ـ برفع بعض الامور الشاقة التى فيها الحرج مع ان ايجابها كان مخالفا للطف الواجب ، فمناط الامتنان فى الشرع ـ بل فى التكاليف العرفية ـ هو كون الفعل حسنا ذا مصلحة لا يرضى المولى بتركه ، مع قطع النظر عن كونه عسرا فانتفاء ذلك لصفة العسر لا يوجب عدم تحقق الامتنان.
وامّا عن الثانى باحد وجهين :
احدهما ـ ان التكاليف الصادرة تقية انّما صدرت على نحو التورية ، بان يكون قد اريد منها بعض التأويلات البعيدة مثل ان يراد بقوله : اغسل رجليك فى الوضوء معنى لا ينافى المسح ، او يكون الحكم فى نظره مقيدا بصورة التقية عند العمل او نحو ذلك فى المثال او فى غيره.
فيكون قد لبس الحكم على المخاطبين وطلب ما هو مطلوب فى نفس الامر وان وقع المخاطب فى خلاف الواقع بل ربما ظهر ذلك من بعض كلمات بعض الائمة ـ صلوات الله عليهم ـ فى مواضع عديدة على ما هو ببالى ، وبالجملة ففى الاخبار شبه ما فى الكتاب المنزل من الظواهر والبطون فليس فيها تكليف مخالف لمقتضى صفة المكلف به.
والثانى ـ ان التكليف الصادر على وجه التقية انما هو تكليف صورى وهو فى الإنشاءات نظير الكذب فى الاخبار فهو خارج عن محل الكلام ، فان الكلام فى الطلب الواقعى ، والّا فاى عاقل ينكر جواز ان يقول المولى الحكيم لاجل التقية مكان قوله : افعل الفعل الفلانى ، لا تفعله مع فرض كون الفعل الفلانى فى غاية الحسن ونهاية المصلحة عند المولى.