قلت : ليت شعري كيف لا يطارده الأمر بغير الأهم؟ وهل يكون طرده له إلّا من جهة فعليته ، ومضادة متعلقه للأهم؟ والمفروض فعليته ، ومضادّة متعلقه له.
وعدم إرادة غير الأهم على تقدير الإتيان به لا يوجب عدم طرده لطلبه مع تحققه ، على تقدير عدم الإتيان به وعصيان أمره ، فيلزم اجتماعهما على هذا التقدير ، مع ما هما عليه من المطاردة ، من جهة المضادة بين المتعلقين ، مع أنه يكفي الطرد من طرف الأمر بالأهم ، فإنه على هذا الحال يكون طاردا لطلب الضد ، كما كان في غير هذا الحال ، فلا يكون له معه أصلا بمجال.
______________________________________________________
وأجاب قدسسره بما حاصله : أنّ المطاردة بين الطلبين عبارة عن اقتضاء كل منهما صرف المكلف قدرته في متعلّقه الذي لا يجتمع مع متعلّق الآخر وهذا المحذور بعينه يأتي في صورة الأمر بالضدين بنحو الترتب ، فإنّ الأمر بالمهم مع فعليّته ـ كما هو فرض عصيان الأمر بالأهم فيما بعد ـ يقتضي صرف المكلّف قدرته في متعلّقه مع عدم إمكان اجتماع متعلّقه مع الأهم وحيث إنّ الأمر بالأهم غير ساقط في الفرض فهو أيضا يقتضي الإتيان بمتعلّقه.
وإلى ذلك يشير بقوله : «كيف لا يطارده الأمر بغير المهم (١) إلخ» ، أي كيف لا يطارد الأمر بالمهم الأمر بالأهم والضمير المفعولي في لا يطارده يرجع إلى الأمر بالأهم ، وهل يكون طرد الأمر بالمهم للأمر بالأهم إلّا من جهة فعليّة الأمر بالمهم ومضادة متعلّقه مع متعلق الأمر بالأهم ، وعدم إرادة المولى المهم ـ على تقدير الإتيان بالأهم ـ لا يوجب عدم طرد الأمر بالمهمّ لطلب الأهم ، مع فعليته (أي الأمر بالمهم) في فرض عدم الإتيان بالأهم وتحقق عصيان أمره فيما بعد ، فيلزم اجتماع الطلبين على هذا التقدير ـ أي على تقدير فعلية الأمر بالمهم ـ مع ما عليه الطلبان من
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٣٥.