فإنه يقال : استحالة طلب الضدين ، ليس إلّا لأجل استحالة طلب المحال ، واستحالة طلبه من الحكيم الملتفت إلى محاليته ، لا تختص بحال دون حال ، وإلّا لصح فيما علق على أمر اختياريّ في عرض واحد ، بلا حاجة في تصحيحه إلى الترتب ، مع أنه محال بلا ريب ولا إشكال.
إن قلت : فرق بين الاجتماع في عرض واحد والاجتماع كذلك [١] ، فإن الطلب في كل منهما في الأول يطارد الآخر ، بخلافه في الثاني ، فإن الطلب بغير الأهم لا يطارد طلب الأهم ، فإنه يكون على تقدير عدم الإتيان بالأهم ، فلا يكاد يريد غيره على تقدير إتيانه ، وعدم عصيان أمره.
______________________________________________________
الأمر بالأهم ولا دليل على قبح طلب المحال فيما إذا كان بسوء الاختيار.
وأجاب قدسسره بأنّ طلب المحال من الحكيم الملتفت إلى امتناع متعلّق تكليفه قبيح ولا يختصّ قبحه بحال دون حال ومجرّد التمكّن على التخلّص من طلب المحال لا يرفع قبحه وامتناعه وإلّا لصحّ الأمر بالمتضادين في عرض واحد معلّقا على أمر اختياري بأن يأمر المولى عبده فيما إذا صعد على السطح أن يجمع بين الحركة والسكون ، حيث إنّ العبد متمكّن على التخلّص منه بترك الصعود.
[١] يعني ملاك قبح طلب الضدين في عرض واحد لا يجري في صورة طلبهما بنحو الترتب وذلك لأنّ الأمر بكل من الضدين ـ ولو كان أحدهما أو كلاهما معلّقا على أمر اختياري ـ قبيح ، لاقتضاء كل منهما صرف المكلف قدرته في متعلّقه دون الآخر والمفروض أنّ المكلف مع صرفه قدرته في أحدهما لا يتمكن من صرفها في الآخر وهذا هو معنى المطاردة بين التكليفين ولا يأتي هذا المحذور في صورة الأمر بهما على نحو الترتب إذ بناء عليه لا يقتضي الأمر بالمهم صرف المكلف قدرته في متعلّقه إلّا على تقدير تحقق شرطه يعني عصيان الأمر بالأهم.