شرطه ، لكنه لا بالملازمة ، بل من باب استقلال العقل بتنجز الأحكام على الأنام بمجرد قيام احتمالها ، إلّا مع الفحص واليأس عن الظفر بالدليل على التكليف ، فيستقل بعده بالبراءة ، وإن العقوبة على المخالفة بلا حجة وبيان ، والمؤاخذة عليها بلا برهان ، فافهم.
______________________________________________________
وقد ذكر المصنف قدسسره أنّ وجوب المعرفة ليس وجوبا غيريا كسائر المقدّمات الوجودية للواجب حتّى يناقش في وجوبها قبل فعلية وجوب الواجب ، بل معرفته تدخل فيما يستقلّ به العقل من تنجّز الأحكام والتكاليف في الوقائع على المكلّف بمجرد احتمالها ، ولا يكون مخالفتها من حيث الجهل بها عذرا إلّا مع الفحص واليأس عن الظفر بالدليل على التكليف ، فيستقلّ العقل بعده بالبراءة وأنّ العقاب على المخالفة بلا حجّة وبيان.
أقول ما ذكره قدسسره من أنّ المعرفة وجوبها ليس من الوجوب الغيري كالمقدمات الوجودية للواجب أمر صحيح ، ولكنّ استقلال العقل بما ذكره ـ فيما إذا كان التعلّم من تحصيل القدرة على الواجب قبل فعلية وجوبه ـ غير معلوم ، وإنّما الثابت عدم المعذورية في مخالفة التكليف المحتمل فعليته ، مع التمكّن على موافقته على تقديره بالاحتياط أو بالاجتهاد والتقليد ، وأمّا عدم المعذورية مع عدم التمكّن من موافقته ولو بترك التعلّم قبل زمان حصول فعليّة الوجوب وحصول شرطه ، فهذا لا يستقلّ به العقل ؛ لعدم القدرة على الفعل بعد فعلية شرط الوجوب.
وقد يجاب عن ذلك بأنّ الغفلة أو العجز لم يؤخذ عدمها شرطا في ناحية التكليف ، بل التكليف المجعول يصير فعليّا بحصول شرطه ودخول وقته. نعم تكون الغفلة أو العجز مانعا عن تنجّز التكليف في الموارد التي يحكم العقل بالعذر ، والعقل لا يحكم بالمعذورية مع ترك التعلّم.