وفي مراجعة الوجدان للانسان غنى وكفاية عن إقامة البرهان على ذلك ، حيث يرى إذا راجعه أنه لا غرض له في مطلوباته إلّا نفس الطبائع ، ولا نظر له إلّا إليها من دون نظر إلى خصوصياتها الخارجية ، وعوارضها العينية ، وإن نفس وجودها السعي بما هو وجودها تمام المطلوب ، وإن كان ذاك الوجود لا يكاد ينفك في الخارج عن الخصوصية.
فانقدح بذلك أن المراد بتعلق الأوامر بالطبائع دون الأفراد ، انها بوجودها السعي بما هو وجودها قبالا لخصوص الوجود ، متعلقة للطلب ، لا أنها بما هي هي كانت متعلقة له ، كما ربما يتوهم ، فإنها كذلك ليست إلّا هي ، نعم هي كذلك تكون متعلقة للأمر ، فإنه طلب الوجود ، فافهم.
______________________________________________________
والشاهد على كون متعلق الإيجاد أو الترك نفس الطبيعي بقيوده وحدوده التي يكون معها موافقا للغرض وأنّ خصوصيات وجوداته من لوازمها وعوارضها خارجة عن متعلق طلب الإيجاد والترك هو حكم الوجدان حيث إنّ الإنسان إذا راجع وجدانه عند طلبه يرى أنّه لا غرض له إلّا في الطبيعي ولا يريد غيره من لوازم وجوداته ومقارناته التي يكون الطبيعي معها في الخارج.
وعليه فقد ظهر أنّ المراد بتعلّق الأوامر بالطبائع هو تعلّق الطلب فيها بحصول الطبيعي ووجوده السعي يعني ما يقابل وجوده الخاص بلازمه وعارضه لا أنّ الطبيعي مع الإغماض عن وجوده متعلّق الطلب ، فإنّ ما فيه الغرض والملاك هو وجود الطبيعي لا عنوانه حيث لا غرض في الطبيعي مع قطع النظر عن وجوده الخارجي.
نعم يتعلّق الأمر بعنوانه ويستفاد من الأمر طلب إيجاده سواء كان الأمر بصيغته أو بمادّته على ما مرّ في محلّه ، فإنّ صيغة الأمر الواردة على مادة ما كصلّ ، وصم ، ونحوهما تدلّ بمادتها على المبدأ مجرّدا عن أيّة خصوصية حتى خصوصية