وقد قصد القربة بإتيانه ، فالأمر يسقط ، لقصد التقرب بما يصلح أن يتقرب به ، لاشتماله على المصلحة ، مع صدوره حسنا لأجل الجهل بحرمته قصورا ، فيحصل به الغرض من الأمر ، فيسقط به قطعا ، وإن لم يكن امتثالا له بناء على تبعية الأحكام لما هو الأقوى من جهات المصالح والمفاسد واقعا ، لا لما هو المؤثر منها فعلا للحسن أو القبح ، لكونهما تابعين لما علم منهما كما حقق في محله.
مع أنه يمكن أن يقال بحصول الامتثال مع ذلك ، فإن العقل لا يرى تفاوتا بينه
______________________________________________________
وأمّا بناء على الامتناع وتقديم جانب النهي يكون الإتيان بالمجمع موجبا لسقوط الأمر في التوصليات لاشتمال المجمع على ملاك المأمور به على ما تقدم وأمّا في العبادات فلا يحكم بسقوط الأمر بالإتيان بالمجمع مع تنجّز الحرمة ، كما في صورة العلم بها أو الجهل بها تقصيرا فإنّ مع علم المكلف بعدم الأمر بالمجمع بل النهي عنه لا يمكن أن يتقرّب بالإتيان به ، وفي صورة جهله تقصيرا وإن كان يمكن أن يقصد التقرب بالإتيان به ولكن بما أنّ المجموع يصدر عنه مبغوضا لعدم كون جهله عذرا ، لا يحصل التقرب المعتبر والغرض الموجب للأمر بالعبادة.
نعم إذا لم يكن حرمة المجمع منجّزة في حقّه لغفلته وجهله بها قصورا وقصد بالإتيان به التقرب ، فالأمر بالعبادة يسقط لقصد التقرب بفعل صالح للتقرب مع عدم صدوره عنه مبغوضا بل يصدر عنه حسنا لأجل الجهل بحرمته قصورا مع اشتماله على المصلحة.
والفرق بين القول بالجواز والقول بامتناع الاجتماع مع تقديم جانب الحرمة عند كون المكلف معذورا هو أنّ الإتيان بالمجمع امتثال للأمر بالطبيعي على القول بالجواز ولم تصدر عن المكلف معصية لفرض جهله بها قصورا ، بخلاف القول بامتناع الاجتماع فالإتيان بالمجمع وإن لم يكن معصية لفرض الجهل بحرمته قصورا