.................................................................................................
______________________________________________________
كما ترى ، فإنّ الاعتباريات تدخل في الأحكام لموضوعاتها وتكون قابلة للإلغاء مع بقاء موضوعاتها بخلاف الاعتباريات العقليّة التي لها منشأ انتزاع حقيقي فانّها غير قابلة للإلغاء ولا تنعدم إلّا بانعدام منشأ انتزاعها والاعتبارات يفرض لها حصول بإزائها خارجا كالزوجية والملكية ويفرض لها حصول بمنشئها التي هي من قبيل الموضوع لها ، لا لأنّ لمنشا انتزاعها خصوصية واقعية بل تكون الخصوصية أيضا اعتبارية كالمغصوبيّة كما لا يخفى ، وبالجملة فالتعرض لهذا الأمر إنّما هو لبيان عدم امكان اطلاق متعلق الوجوب بحيث يشمل ما تعلق به النهي.
وذكر المحقق الأصفهاني ١ في التعليق على كلام الماتن ١ أنّه قد تقدم في بحث تعلّق الأوامر بالطبائع أنّ الوجود الخارجي لا يقوم به الطلب وإذا لوحظ أنّ الإيجاد عين الوجود ذاتا واختلافهما بالاعتبار فيعلم أنّ الطلب لا يقوم بالإيجاد الخارجي لأنّه عين الوجود ، ومعنى تعلّق الشوق بالوجود والإيجاد كما مرّ أنّ القوة العاقلة كما لها قوة لحاظ الشيء بلحاظ الحمل الأولى كذلك لها قوة لحاظه بالحمل الشائع ، فتلاحظ الصلاة الخارجية مثلا التي حيثيّتها حيثية طرد العدم ويترتب عليها الغرض والأثر فيطلبها ويبعث نحوها ، ومن الواضح أنّ البعث نحو الفاني لا ينافي قيام الغرض والأثر بالمفنيّ فيه.
والحاصل أنّ الصلاة الخارجيّة في مقام تعلّق البعث والإرادة بمعنى إحضار العقل إيّاها وفرضها وتعلّق البعث بها إنّما هو لاخراجها عن الفرض والتقدير إلى الفعليّة ، فالصلاة المفروضة فانية في الصلاة الخارجية وهذا يصحّح البعث نحو الفاني مع قيام الغرض بالمفنيّ فيه ولا يقتضي سريان ما يقوم بالفاني إلى المفني فيه فإنّه محال وليس نسبة الوجود العنواني إلى الوجود العيني نسبة الاتحاد والعينيّة (١).
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ٣١٣.