كما أنّ الظاهر أنّ وصفي الإطلاق والاشتراط ، وصفان إضافيان لا حقيقيان ، وإلّا لم يكد يوجد واجب مطلق ، ضرورة اشتراط وجوب كل واجب ببعض الأمور ، لا أقل من الشرائط العامة ، كالبلوغ والعقل.
فالحريّ أن يقال : إن الواجب مع كل شيء يلاحظ معه ، إن كان وجوبه غير مشروط به ، فهو مطلق بالإضافة إليه ، وإلّا فمشروط كذلك ، وإن كانا بالقياس إلى شيء آخر كانا بالعكس.
ثمّ الظّاهر أن الواجب المشروط كما أشرنا إليه ، أن نفس الوجوب فيه مشروط بالشرط ، بحيث لا وجوب حقيقة ، ولا طلب واقعا قبل حصول الشرط ، كما هو
______________________________________________________
الواجب مطلقا ، وبالإضافة إلى أمر آخر مشروطا فيسمّى الواجب مشروطا.
ولا ينبغي التأمّل في أنّ ظاهر القضية الشرطية هو كون مفاد الشرط قيدا لمفاد الهيئة في الجزاء وأنّ قول المولى مثلا (إن جاءك زيد فأكرمه) كون مجيئه في المثال قيدا لطلب إكرامه ، لا أنّ وجوبه وطلبه مطلق ، والشرط قيد للواجب ، كما في الواجب المعلّق ، ويزيد ذلك وضوحا أنّ استعمال مثل قوله (إن توضأت فصلّ) في مقام طلب الصلاة المقيّدة بالطهارة غير صحيح ، بل يقال في ذلك المقام : صلّ متوضأ ، أو مع الوضوء.
ولكن المنسوب إلى الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره أنّ رجوع القيد إلى مفاد الهيئة صوري ولا يكون الشرط قيدا لمعنى الهيئة واقعا وحقيقة ؛ لامتناع كونه قيدا لمفاد الهيئة. وذكر في وجه الامتناع أنّ التقييد عبارة عن تضييق دائرة المعنى وإلغاء التوسعة عنه ، ولا يكون ذلك إلّا في المعاني التي في أنفسها كلّيات ، والطلب المنشأ بالصيغة ، بل حتّى المنشأ بالمادة جزئي وفرد من الطلب ، فلا يكون القيد (أي الشرط) راجعا إلى الوجوب المنشأ ، بل يرجع إلى الواجب ، فإنّ عنوانه اسمي قابل