هناك ظهور ، كان ذاك العمل المشارك مع التقييد في الأثر ، وبطلان العمل بإطلاق المطلق ، مشاركا معه في خلاف الأصل أيضا.
وكأنّه توهم : أنّ إطلاق المطلق كعموم العام ثابت ، ورفع اليد عن العمل به ، تارة لأجل التقييد ، وأخرى بالعمل المبطل للعمل به ، وهو فاسد ، لأنّه لا يكون إطلاق إلّا فيما جرت هناك المقدمات.
نعم إذا كان التقييد بمنفصل ، ودار الأمر بين الرّجوع إلى المادة أو الهيئة كان لهذا التوهّم مجال ، حيث انعقد للمطلق إطلاق ، وقد استقر له ظهور ولو بقرينة الحكمة ، فتأمّل.
______________________________________________________
بقي في المقام أمر ، وهو أنّ ما حكي عن الشيخ قدسسره من أنّه إذا دار الأمر بين التصرّف في الإطلاق الشمولي أو الإطلاق البدلي يتعيّن التصرّف في الإطلاق البدلي ، قد التزم به المحقّق النائيني قدسسره ، لكن لا في مثل المقام بل فيما كان التنافي بين الإطلاقين بالذات كما في قوله «أكرم عالما» وقوله «لا تكرم الفاسق» لا في مثل قوله سبحانه (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا)(١) ممّا كان الإطلاقان شموليين أو بدليين ، وذكر في وجه التقديم أنّ الإطلاق البدلي يحتاج إلى مقدّمة زائدة على المقدمات التي يحتاج إليها انعقاد الإطلاق الشمولي ، وذلك أنّ النهي عن طبيعة بحيث يعمّ النهي جميع أفراد تلك الطبيعة لا يحتاج إلى تساوي أفرادها في ملاك النهي ، بل يمكن أن يختلف أفرادها في ملاك الحكم ، كالنهي عن هدم المسجد وتخريبه ، فإنّه يعمّ تخريب كلّ مسجد ، من المسجد الحرام ومسجد الجامع بالكوفة ومسجد القرية ومسجد المحلّة ، مع اختلافها في ملاك التحريم من حيث الشدّة والضعف.
وهذا بخلاف الإطلاق البدلي ، فإنّ الحكم بالاكتفاء بأيّ فرد يحتاج إلى إحراز
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٢٧٥.