فالأولى أن يقال : إن الأثر المترتب عليه وإن كان لازما ، إلا أن ذا الأثر لما كان معنونا بعنوان حسن يستقل العقل بمدح فاعله ، بل وبذم تاركه ، صار متعلقا للإيجاب بما هو كذلك ، ولا ينافيه كونه مقدمة لأمر مطلوب واقعا ، بخلاف الواجب الغيري ، لتمحض وجوبه في أنه لكونه مقدمة لواجب نفسي ، وهذا أيضا لا ينافي أن
______________________________________________________
بالسبب في الخطاب كصحّة تعلّقه بالمسبّب ، ولو كان ترتّب المسبّب على السبب موجبا لتعيّن تعلّق التكليف بالمسبب لما تعلّق الأمر بالذبح والنحر وغيرهما من الأسباب.
وثانيا : لو فرض أنّ المصالح والآثار تترتّب بتوسيط أمور خارجة عن الاختيار ، فهذا بالإضافة إلى الأثر الأقصى ، وأمّا الأثر القريب فيترتب على الفعل لا محالة ، مثلا يكون الواجب النفسي إعداد الحبّ للنبات الحاصل بجعله في الأرض الصالحة للزرع ، فيكون بثّ الحبّ في تلك الأرض واجبا غيريّا. وأمّا تجسّم الأعمال ، فلو كان غرضا فهو من الغرض الأقصى.
والحاصل أنّه لا يبعد أن يقال : كلّما كان البعث إليه بالأمر به لداعي التوصّل به إلى واجب آخر فوجوبه غيري ، وإلّا يكون وجوبه نفسيا ، حتّى مع فرض أنّ الموجب لتعلّق الطلب به هو الصلاح المترتّب عليه ؛ لأنّ مع عدم وقوع ذلك الصلاح مورد الخطاب والبعث إليه يكون طلب الفعل نفسيّا.
والوجه في عدم تعلّق التكليف في الخطاب بذلك الصلاح إمّا عدم معروفيّة موجبه وسببه للمكلّف ـ لئلّا يتعيّن في سبب خاصّ ولا يكن معروفا عنده ـ فمثلا تذكّر الجوع في القيامة وعطشها يحتمل أن يكون هو الملاك في الأمر بصوم شهر رمضان ، إلّا أنّه لم يبيّن للمكلّف وإمّا أنّ الصلاح المترتّب على الفعل ليس من قبيل المعلول بالإضافة إلى علّته ، بل من الحكمة التي لا يدور وجوب الفعل مدار