وأمّا لزوم كونه من قيود المادة لبّا ، فلأنّ العاقل إذا توجه إلى شيء والتفت إليه ، فإمّا أن يتعلق طلبه به ، أو لا يتعلق به طلبه أصلا ، لا كلام على الثاني.
وعلى الأوّل : فإمّا أن يكون ذاك الشيء موردا لطلبه وأمره مطلقا على اختلاف طوارئه ، أو على تقدير خاص ، وذلك التقدير ، تارة يكون من الأمور الاختيارية ، وأخرى لا يكون كذلك ، وما كان من الأمور الاختيارية ، قد يكون مأخوذا فيه على نحو يكون موردا للتكليف ، وقد لا يكون كذلك ، على اختلاف الأغراض الداعية إلى طلبه والأمر به ، من غير فرق في ذلك بين القول بتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد ، والقول بعدم التبعية ، كما لا يخفى ، هذا موافق لما أفاده بعض الأفاضل المقرر لبحثه بأدنى تفاوت ، ولا يخفى ما فيه.
أمّا حديث عدم الإطلاق [١] في مفاد الهيئة ، فقد حققناه سابقا ، إنّ كل واحد
______________________________________________________
وعلى الأوّل فإمّا أن يريده مطلقا أو على تقدير خاص ومقيّدا ، وعلى الثاني فالقيد مهما كان لا بدّ من أن يكون راجعا إلى المراد لا إلى نفس الإرادة ، إذ لو كان القيد غير اختياري فلا بدّ من دخله في المراد بنحو لا يتعلّق به الطلب بأن يكون المراد الفعل المقارن لحصوله ، وإذا كان اختياريا فقد يكون دخالته في المراد أيضا بنحو لا يتعلق به الطلب الغيري ، بأن يكون المراد الفعل المقارن لوجوده الاتفاقي.
والمراد بالوجود الاتفاقي يكون المكلّف مطلق العنان بالإضافة إلى حصول القيد ، بخلاف ما كان المراد الفعل المقارن له بحيث يكون على المكلف إيجاد ذلك القيد وتحصيله ليفعل ما هو المراد (١).
[١] وحاصل ما ذكر قدسسره في الجواب عن عدم الإطلاق في معنى الهيئة ، هو أنّ
__________________
(١) مطارح الأنظار : ص ٤٥ و ٤٦.