الغيري لا شبهة في كونه توصليا ، وقد اعتبر في صحتها إتيانها بقصد القربة.
وأما الثاني : فالتحقيق أن يقال : إن المقدمة فيها بنفسها مستحبة وعبادة ، وغاياتها إنما تكون متوقفة على إحدى هذه العبادات ، فلا بد أن يؤتى بها عبادة ،
______________________________________________________
بها ، ولو بغير داع قربي ؛ لأنّ الغرض من الأمر الغيري بالمقدّمة تمكّن المكلّف من ذي المقدّمة ووصول يده إلى ذيها ، وهذا الغرض يحصل بحصول المقدّمة كيف ما حصلت ، وعليه فما وجه اعتبار قصد التقرّب في سقوط الأمر بالطهارات وأنّه لا يسقط الأمر الغيري بها بمجرد الإتيان بها من غير قصد امتثال الأمر.
وحاصل ما ذكره قدسسره في دفع الوجهين من الإشكال هو أنّ الطهارات الثلاث ـ حتّى التيمم منها ـ مطلوبات نفسية بالأمر الاستحبابي التعبّدي ، فتكون مطلوبة كسائر المستحبّات النفسية والطهارات بما هي مستحبّات نفسية وذوات ملاكات مترتّبة عليها عند الإتيان بها قربيّا ، قد أخذت قيدا للصلاة ونحوها لدخالتها كذلك في صلاح الصلاة ونحوها.
وبتعبير آخر : أنّ عباديّتها ليست لأجل تعلّق الأمر الغيري بها ، بل لتعلّق الأمر الاستحبابي النفسي بها ، حيث لا يتحصل ملاكاتها النفسية بلا قصد التقرّب ، وقد أخذت بما هي عبادات قيودا للصلاة ونحوها ، ولا تحصل ـ بما هي قيد الصلاة ـ بلا قصد التقرّب ليسقط الأمر الغيري بها.
وبالجملة كون الطهارات الثلاث عبادة إنّما هو لتعلّق الأمر الاستحبابي النفسي بها ، حيث إنّ الأمر الاستحبابي تعبّدي لا يحصّل ملاكاتها إلّا إذا أتى بها بقصد التقرّب ، وبما أنّ المأخوذ قيدا للصلاة هي الطهارة المأتي بها عبادة ، فلا يسقط الأمر الغيري بها من غير أن تقع بنحو العبادة ، حيث إنّ الفاقد لقصد التقرّب ليس بقيد للصلاة.