وقد تفصّي عن الإشكال بوجهين آخرين :
أحدهما ما ملخصه : إن الحركات الخاصة [١] ربما لا تكون محصلة لما هو المقصود منها ، من العنوان الذي يكون بذاك العنوان مقدمة وموقوفا عليها ، فلا بد في إتيانها بذاك العنوان من قصد أمرها ، لكونه لا يدعو إلا إلى ما هو الموقوف عليه ، فيكون عنوانا إجماليا ومرآة لها ، فإتيان الطهارات عبادة وإطاعة لأمرها ليس لأجل أن أمرها المقدمي يقضي بالاتيان كذلك ، بل إنما كان لأجل إحراز نفس العنوان ، الذي يكون بذاك العنوان موقوفا عليها.
______________________________________________________
الوضوء أو الغسل أو التيمّم بوجه قربي ، بأن يضاف الإتيان بها إلى الله سبحانه ، فالأمر الغيري يتعلّق بها مع هذا القصد ، وبما أنّ الإتيان مع قصد امتثال الأمر الغيري أو قصد التوصل إلى الواجب النفسي إتيان بالفعل مضافا إلى الله سبحانه وموجب لوقوع الوضوء أو الغسل أو التيمّم بنحو العبادة فيصحّ ، نظير ما تقدّم في أخذ قصد التقرب في متعلّق الأمر النفسي في العبادات.
نعم وجود ملاك الاستحباب النفسي في الطهارات يوجب أن تكون في نفسها عبادة صالحة للتقرّب بها مجرّدة عن قصد الصلاة ونحوها ، بخلاف سائر المقدّمات كما يأتي توضيحه إن شاء الله تعالى.
[١] توضيحه ان العنوان المنطبق على فعل يكون على نحوين :
أحدهما : أن يكون انطباقه عليه قهريا غير محتاج إلى قصد ذلك العنوان ، كالأكل والشرب والقتل ونحوها.
وثانيهما : أن يكون انطباقه على الفعل موقوفا على قصد ذلك العنوان زائدا على قصد نفس الفعل كعنوان التعظيم والإهانة وأداء الدين ونحوها. وحيث لم يكن الوضوء أو الغسل أو التيمّم قيدا للصلاة بنفسه ، بل القيد لها المعنون بعنوان خاصّ