ثانيهما : ما محصّله أن لزوم وقوع الطهارات عبادة [١] ، إنما يكون لأجل أن الغرض من الأمر النفسي بغاياتها ، كما لا يكاد يحصل بدون قصد التقرب بموافقته ، كذلك لا يحصل ما لم يؤت بها كذلك ، لا باقتضاء أمرها الغيري.
وبالجملة وجه لزوم إتيانها عبادة ، إنما هو لأجل أن الغرض في الغايات ، لا يحصل إلا بإتيان خصوص الطهارات من بين مقدماتها أيضا ، بقصد الإطاعة.
______________________________________________________
ارتكازا وإن كان مغفولا عنه تفصيلا ، نظير ما إذا قصد امتثال الوجوب المتعلّق بالصوم الذي في حقيقته ليس إلّا الإمساك عن جميع المفطرات ، ولكن لا يعلم أنّ الارتماس مفطر ، بل كان يعتقد عدم كونه مفطرا فيكون صومه صحيحا.
نعم إذا قصد ارتكاب الارتماس ولو للاعتقاد بعدم كونه مفطرا ، يبطل صومه فإنّ قصد الإمساك الإجمالي لا يجتمع مع قصد الارتكاب ، ولا تتمّ دعوى الاشتباه في التطبيق فيما تقدّم في جواب الماتن قدسسره عن الإشكال ـ بأنّ صحّة الطهارات وعباديتها وحصول التقرّب بها لاستحبابها نفسا ، وإن قصد الأمر الغيري يكون من قبيل الداعي إلى الداعي ـ حيث أوردنا عليها بأنّ هذا لا يتمّ عند من يعتقد بعدم الاستحباب النفسي ويكون غافلا عن استحبابها نفسيا.
والوجه فيه هو أنّ الأمر بشيء لا يكون داعيا إليه مع الغفلة عن ذلك الأمر ، بخلاف قصد المعنون مع الغفلة عن عنوانه المتعلّق به الأمر ، فإنّ قصد امتثال ذلك الأمر يكون التفاتا ارتكازيا إلى ذلك العنوان فتأمّل.
[١] وحاصله أنّ الغرض من الأمر بالصلاة كما لا يحصل بدون الإتيان بها بداعي الأمر ، كذلك لا يحصل الغرض من الأمر بالصلاة بدون الإتيان بالطهارات بقصد الأمر بها غيريّا ، فالصلاة المقيّدة بالوجود القربي من الطهارات لا بمطلق وجودها ، وهذا الأمر الغيري المتعلّق بها توصلي ، لسقوطه بمجرّد الإتيان بمتعلّقه