ولا نقول بحجّية الخبر الصحيح الأعلى إذا كان معرضا عنه بين الأصحاب ؛ ضرورة كشف إعراضهم عنه ـ مع كونه بين أظهرهم ـ عن سمّية فيه ، وسلبه الوثوق بصدوره ، ولذا تداولوا أنّ الخبر كلّما ازداد صحّة واعتبارا ازداد بسبب إعراض الأصحاب عنه ضعفا وانكسارا.
نعم ؛ لا يخفى أنّ الإعراض مانع من العمل بالخبر لسلبه الاطمئنان به ، لا أنّ عمل الأصحاب شرط في حجّية الخبر المطمئنّ به ، وتظهر الثمرة في الخبر الموثوق به الذي لم يحرز عمل الأصحاب به ولا إعراضهم عنه ، فإنّه حجّة على ما اخترناه دون بناء على شرطيّة العمل .. ولكن لا دليل على الشرطية المذكورة ، والأصل يدفعها.
وأمّا مانعيّة الإعراض ؛ فمنشأها ما لوّحنا إليه من سلبه الوثوق بالخبر ، ولذا لا يقدح احتمال الإعراض ما لم يتحقّق ويحرز ، فتدبّر.
[الأمر] الثالث :
إنّه قد صدر من الأصحاب الإفراط والتفريط في هذا الباب :
فمن الأوّل ؛ ما عليه جماعة ـ منهم ثاني الشهيدين رحمهما اللّه (١) ـ من
__________________
(١) كذا نسب إلى الشهيد الثاني ـ وحكاه غير واحد كصاحب الأعيان ٩٤/٥ فيه وغيره ـ وأنكره آخرون ، والظاهر : أنّ المراد منه ولد الشهيد الثاني رحمهما اللّه ، كما هو سيره ـ