الثاني : [ان الأخذ به موجب لتقديم أحد وجهى الخبر من الصدق والكذب] الثاني : أنّه لا ريب في أنّ كلّ خبر ـ من حيث هو ـ يحتمل الصدق والكذب ، فتقديم أحد هذين الاحتمالين على الآخر لا بدّ له من مرجّح ودليل ، لئلاّ يلزم الترجيح بلا مرجّح ، الذي اتّفق العقلاء على بطلانه وقبحه.
والمرجّح على قسمين : قطعي ، وظني ، وكلّ منهما إمّا داخلي ، أو خارجي ، والقطعي الداخلي هو التّواتر ، والخارجي هو الاحتفاف بالقرائن المورثة للقطع ، والظني الخارجي اعتضاد الرواية بالسيرة والشهرة .. ونحوهما ، والظني الداخلي هو عدالة الراوي ووثاقته ..
والأقسام الثلاثة الأول لا تفي بالفقه ، فتعيّن الاستناد إلى الأخير أيضا ، وذلك لا يحصل إلا بالاختبار ، ولا طريق لنا اليوم إلى الاختبار إلاّ المراجعة إلى ما كتب في أحوال الرجال ، وهو المطلوب.
الثالث : [أنّ الأخذ به عملا بالأخبار العلاجية] الأخبار المستفيضة ـ بل المتواترة معنى ـ العلاجيّة الآمرة بالرجوع عند تعارض الأخبار إلى الأعدل والأورع والأفقه (١) ؛ فإنّ إحراز
__________________
ـ الأحكام الشرعية من الأحاديث المروية عنهم عليهم السلام ـ هي أخبار آحاد لا تبلغ حد التواتر ، وهي مختلفة ظاهرا أو واقعا ، إما على جهة العموم من وجه أو المطلق والمقيد ..أو غير ذلك ، فلا بدّ من الاطلاع على حال الرواة من الوثاقة وعدمها حتّى يطرح خبر الكاذب ويعمل بخبر الصادق.
(١) سنذكر قريبا بحث الأخبار العلاجيّة مفصّلا ، وقد خصّ في مستدرك وسائل الشيعة ٣٠٢/١٧ ـ ٣٠٧ بابا في وجوب الجمع بين الأحاديث المختلفة وكيفية العمل بها ، ـ