حجّة النّافين للحاجة إلى علم الرجال ..
وجوه موهونة ، وشبهات واهية لا اعتناء بها في قبال حجّة المثبت :
أحدها :
[أن العمل بالموثق والحسن بل الضعيف المنجبر مغن عن التعديل] إنّ مصير الأكثر إلى اعتبار الموثّق ـ بل الحسن بل الضعيف المنجبر ـ ، ينفي الحاجة إلى علم الرجال ؛ لأنّ عملهم ذلك يكشف عن عدم الحاجة إلى التعديل.
وفيه : أنّا لا نعتبر الرجوع إلى أحوال الرجال للتعديل حتّى ينتقض بما ذكره المستدلّ ، وإنّما نعتبره من باب تحصيل الوثوق بالصدق المبعّد لاحتمال الكذب.
وإن شئت قلت : إنّ الآية قد منعت من قبول خبر الفاسق من غير تبيّن وتثبّت .. ومراجعة حال الراوي وتحصيل الوثوق العادي بصدقه نوع تثبّت وتبيّن ؛ فيلزم (١).
__________________
وعدّ من فوائد علم الرجال : إنّ الاتّفاق واقع من الفريقين على أنّ في الحديث ما هو تقيّة ، وفي الرواة من هو عامي إجمالا ، وفي الرجال من هو مبيّن ومحكوم عليه أنّه مجروح ؛ فلا بدّ من الفحص في الرجال ليعلم ما هو تقية أو غير تقية ليؤخذ أو يطرح ، خاصة عند تعارض الحديثين ، أو كونهما موافقان لمذهب العامة.
وهي ـ كما ترى ـ وجوه استحسانية باردة ، كما وقيل : إنّ منه معرفة مناقبهم وأحوالاتهم بعد معرفة أسمائهم وأحوالهم وأقوالهم ومراتبهم ؛ كي يتأدب بآدابهم ويقتبس المحاسن من آثارهم ، وكذا معرفة مراتبهم وأعصارهم فضلا عن معرفة مراتب ترجيحهم ، إذا تعارضت الأقوال فيهم.
(١) وفيه أيضا أنّ الكلام في منشأ تحصيل الوثوق والحسن وغيرهما ممّا يتأتى بواسطة هذا العلم ، لا فيه!وهذا أشبه بالمغالطة منه بالبرهان ، فتدبّر ؛ إذ إنّ هذا عمدة الأجوبة.