وبالجملة ؛ فعلى فرض تسليم شهادة الكليني رحمه اللّه بصحّة جميع ما في الكافي لا ينتج مطلب الخصم ، ولا يصحّح له قول : إنّ الظنّ الحاصل بواسطة الوثوق على أرباب الكتب يغنينا.
فإنّ فيه : أنّه في الجملة مقبول ، وأمّا بالنسبة إلى جميع الروايات المسطورة في الكتب المعتمدة ، وبالنسبة إلى جميع الأشخاص حتّى من جدّ واجتهد في الرجال وصار صاحب باع وسيعة ، وعثر على مطالب جديدة لم يسبقه فيها أحد ـ كالمحقّق الوحيد البهبهاني رحمه اللّه .. ونظرائه ممّن عثر على قرائن في الجرح والتعديل لم يتفطّن لها القدماء ، كما لا يخفى على من راجع فوائده الرجاليّة ـ .. فهل اقتصار مثله على قول الغير في التصحيح ، أو على مجرّد الاعتماد على المصنّف لكونه من أهل الثقة إلاّ تقليدا محرّما؟!.
بل الحقّ والإنصاف أنّ علم الرجال من العلوم الشريفة التي من لم يجتهد فيها كان مقلّدا ، يحرم على الغير أن يقلّده ؛ ضرورة أنّ المتبحّر فيه يحصل له من أسباب الاطمئنان بالخبر ما لا يحصل لغيره ، فغيره لا يكون مستفرغا للوسع حتّى يجوز للغير تقليده ، واللّه العالم.
رابعها : أنّ هذا الاصطلاح مستحدث من زمن العلاّمة وشيخه محمّد بن أحمد بن طاوس (١) ، كما هو معلوم لا ينكرونه ، وهو اجتهاد منهم وظنّ.
__________________
(١) كما ذكرناه ـ مع مصادره ـ في تعاليقنا على مقباس الهداية ١٣٧/١ ـ ١٤٢ [الطبعة المحقّقة الاولى].