الدفاع عنه :
« ثم ذكر ابن طاهر أنه رأى بخط الحاكم حديث الطير في جزء ضخم جمعه ، قال : وقد كتبته للتعجب. قلت : وغاية جمع هذا الحديث أن يدل على أنّ الحاكم يحكم بصحته ، ولولا ذلك لما استودعه المستدرك ، ولا يدل ذلك منه على تقديم علي رضياللهعنه على شيخ المهاجرين والأنصار أبي بكر الصديق رضياللهعنه ، إذ له معارض أقوى لا يقدر على دفعه ، وكيف يظن بالحاكم ـ مع سعة حفظه ـ تقديم علي؟ ومن قدّمه على أبي بكر فقد طعن على المهاجرين والأنصار ، فمعاذ الله أن يظنّ ذلك بالحاكم » (١).
فظهر ـ إذن ـ أنّ جمع هذا الحديث يدلّ على الحكم بصحته ، فالجامعون طرقه يحكمون بصحته ، ولو لا ذلك لما استودعه الحاكم كتابه المستدرك على الصحيحين ...
ولو سلّمنا ـ على سبيل التنزّل ـ عدم دلالة جمع الطّرق على الحكم بالصحّة ، لكنّه يدلّ على كثرة طرقه وأسانيده على كلّ حال ، ومن المعلوم أنّ تعدّد طرق الحديث يبلغ به درجة الحسن ، وإن لم يكن كلّ واحد واحد منها حسنا ، فلا أقل من أن يكون حديث الطير حسنا.
أمّا حسن الحديث باعتبار كثرة طرقه فذلك أمر مسلّم به لدى المحققين ، والشواهد عليه في كلماتهم كثيرة جدا :
قال المنّاوي بشرح ( أحبّ الأديان إلى الله الحنيفيّة السمحة ) : « قال الهيثمي : فيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري ، منكر الحديث ، قال قيل يا رسول الله : أيّ الأديان أحب إلى الله؟ فذكره. وقال شيخنا العراقي : فيه محمد بن
__________________
(١) طبقات الشافعية الكبرى ٤ / ١٦٥.