وهو يلد ولادا ويرضع ويبول ويمشي إذا مشى على أربع وكل هذا خلاف صفة الطير ثم هو أيضا مما يخرج بالليل ويتقوت بما يسري (١) في الجو من الفراش وما أشبهه وقد قال قائلون إنه لا طعم للخفاش وإن غذاءه (٢) من النسيم وحده وذلك يفسد ويبطل من جهتين أحدهما خروج الثفل (٣) والبول منه فإن هذا لا يكون من غير طعم والأخرى أنه ذو أسنان ولو كان لا يطعم شيئا لم يكن للأسنان فيه معنى وليس في الخلقة شيء لا معنى له وأما المآرب فيه فمعروفة حتى أن زبله يدخل في بعض الأعمال ومن أعظم الإرب فيه خلقته العجيبة الدالة على قدرة الخالق جل ثناؤه وتصرفها فيما شاء كيف شاء لضرب من المصلحة.
( حيلة الطائر أبو نمرة بالحسكة ومنفعتها )
فأما الطائر الصغير الذي يقال له ( ابن نمرة ) (٤) فقد عشش في بعض الأوقات في بعض الشجر فنظر إلى حية عظيمة قد أقبلت نحو عشه فاغرة فاها تبغيه لتبتلعه فبينما هو يتقلب ويضطرب في طلب حيلة منها إذ وجد حسكة فحملها فألقاها في فم الحية فلم تزل الحية تلتوي وتتقلب
__________________
(١) يسرى : يسير في الليل.
(٢) سقطت الهمزة في الطبعة الأولى.
(٣) الثفل ـ بالضم ـ الكدرة المستقرة في اسفل الشيء.
(٤) في الأصل المطبوع أبو تمرة وهو غير صحيح ، وفي نسخة البحار ابن تمرة .. وتمرة او ابن تمرة طائر أصغر من العصفور.