تزال تدور وتغشى جهة بعد جهة حتى تنتهي إلى المغرب فتشرق على ما استتر عنها في أول النهار فلا يبقى موضع من المواضع إلا أخذ بقسطه من المنفعة منها والإرب التي قدرت له ولو تخلفت مقدار عام أو بعض عام كيف كان يكون حالهم بل كيف كان يكون لهم مع ذلك بقاء أفلا ترى كيف كان يكون للناس هذه الأمور الجليلة التي لم يكن عندهم فيها حيلة فصارت تجري على مجاريها لا تفتل (١) ولا تتخلف عن مواقيتها لصلاح العالم وما فيه بقاؤه.
( الاستدلال بالقمر في معرفة الشهور )
استدل بالقمر ففيه دلالة جليلة تستعملها العامة في معرفة الشهور ولا يقوم عليه حساب السنة لأن دوره لا يستوفي الأزمنة الأربعة ونشو الثمار وتصرمها ولذلك صارت شهور القمر وسنوه تتخلف عن شهور الشمس وسنيها وصار الشهر من شهور القمر ينتقل فيكون مرة بالشتاء ومرة بالصيف.
( ضوء القمر وما فيه من المنافع )
فكر في إنارته في ظلمة الليل والإرب في ذلك فإنه مع الحاجة إلى الظلمة لهدوء الحيوان وبرد الهواء على النبات لم يكن صلاح في أن يكون الليل ظلمة داجية لا ضياء فيها فلا يمكن فيه شيء من العمل لأنه ربما
__________________
(١) لا تفتل ـ اي لا تنصرف ولا تزول.