( في النخل وخلقة الجذع والخشب وفوائد ذلك )
فكر يا مفضل في النخل فإنه لما صار فيه إناث تحتاج إلى التلقيح جعلت فيه ذكورة للقاح من غير غراس فصار الذكر من النخل بمنزلة الذكر من الحيوان الذي يلقح الإناث لتحمل وهو لا يحمل تأمل خلقة الجذع كيف هو فإنك تراه كالمنسوج نسجا من خيوط ممدودة كالسدى وأخرى معه معترضة كاللحمة (١) كنحو ما ينسج بالأيدي وذلك ليشتد ويصلب ولا يتقصف من حمل القنوات (٢) الثقيلة وهز الرياح العواصف إذا صار نخلة وليتهيأ للسقوف والجسور وغير ذلك مما يتخذ منه إذا صار جذعا.
وكذلك ترى الخشب مثل النسج فإنك ترى بعضه مداخلا بعضه بعضا طولا وعرضا كتداخل أجزاء اللحم وفيه مع ذلك متانة ليصلح لما يتخذ منه من الآلات فإنه لو كان مستحصفا (٣) كالحجارة لم يمكن أن يستعمل في السقوف وغير ذلك مما يستعمل فيه الخشبة كالأبواب والأسرة والتوابيت وما أشبه ذلك ومن جسيم المصالح في الخشب أنه
__________________
(١) اللحمة ـ بالضم ـ ما سدي به بين سدى الثوب أي ما نسج عرضا وهو خلاف سواه والجمع لحم.
(٢) في الأصل المطبوع ـ قنوان ـ ولا معنى لها هنا .. والقنوات جمع قناة وهي العسا الغليظة ، وقد أراد بها الإمام عليهالسلام هنا هي سعف النخل الغليظة.
(٣) أراد بالمستحصف : الشديد المحكم كانه الحجارة.