يكون الذي يصل إلى الجوف منه بقصد وقدر لا يثج (١) ثجا فيغص به الشارب أو ينكأ (٢) في الجوف ثم همى (٣) بعد ذلك كالباب المطبق على الفم يفتحها الإنسان إذا شاء ويطبقها إذا شاء وفيما وصفنا من هذا بيان.
أن كل واحد من هذه الأعضاء يتصرف وينقسم إلى وجوه من المنافع كما تتصرف الأداة الواحدة في أعمال شتى وذلك كالفأس تستعمل في النجارة والحفر وغيرهما من الأعمال.
( الدماغ وأغشيته والجمجمة وفائدتها )
ولو رأيت الدماغ إذا كشف عنه لرأيته قد لف بحجب بعضها فوق بعض لتصونه من الأعراض وتمسكه فلا يضطرب ولرأيت عليه الجمجمة بمنزلة البيضة كيما تقيه (٤) هد الصدمة والصكة التي ربما وقعت في الرأس ثم قد جللت الجمجمة بالشعر حتى صارت بمنزلة الفرو للرأس يستره من شدة الحر والبرد فمن حصن الدماغ هذا التحصين إلا الذي خلقه وجعله ينبوع الحس والمستحق للحيطة والصيانة بعلو منزلته من البدن وارتفاع درجته وخطير مرتبته.
__________________
(١) ثج يثج ثجا : اساله.
(٢) لعله أراد انه يقع في غير ما حاجة
(٣) همى الماء سال لا يثنيه شيء
(٤) في نسخة يفته بدلا عن تقيه ، ويفته من الفت وهو الكسر