الأرض من البذر وما يتقوت الزراع إلى إدراك زرعها المستقبل ألا ترى أن الملك لو أراد عمارة بلد من البلدان كان السبيل في ذلك أن يعطي أهله ما يبذرونه في أرضهم وما يقوتهم إلى إدراك زرعهم.
فانظر كيف تجد هذا المثال قد تقدم في تدبير الحكيم فصار الزرع يريع هذا الريع ليفي بما يحتاج إليه للقوت والزراعة وكذلك الشجر والنبت والنخل يريع الريع الكثير فإنك ترى الأصل الواحد حوله من فراخه أمرا عظيما فلم كان كذلك إلا ليكون فيه ما يقطعه الناس ويستعملونه في مآربهم وما يرد فيغرس في الأرض ولو كان الأصل منه يبقى منفردا لا يفرخ ولا يريع لما أمكن أن يقطع منه شيء لعمل ولا لغرس ثم كان إن أصابته آفة انقطع أصله فلم يكن منه خلف.
( بعض النباتات وكيف تصان )
تأمل نبات هذه الحبوب من العدس والماش والباقلاء وما أشبه ذلك فإنها تخرج في أوعية مثل الخرائط (١) لتصونها وتحجبها من الآفات إلى أن تشتد وتستحكم كما قد تكون المشيمة (٢) على الجنين لهذا المعنى بعينه
__________________
(١) لم نجد للفظ « الخرائط » هنا معنى يتسق ومراد الامام «ع» ولعله يريد الشكل المخروطي وهو ما يبتدئ من سطح مستدير ويرتفع مستدقا حتّى ينتهي إلى نقطة.
(٢) المشيمة : غشاء ولد الإنسان يخرج معه عند الولادة ، جمعه :
مشيم ومشايم.