( عملية الهضم وتكون الدم وجريانه في الشرايين والأوردة )
فكر يا مفضل في وصول الغذاء إلى البدن وما فيه من التدبير فإن الطعام يصير إلى المعدة فتطبخه وتبعث بصفوه إلى الكبد في عروق دقاق واشجة (١) بينهما قد جعلت كالمصفي للغذاء لكيلا يصل إلى الكبد منه شيء فينكاها (٢) ـ وذلك أن الكبد رقيقة لا تحتمل العنف ثم إن الكبد تقبله فيستحيل بلطف التدبير دما وينفذه إلى البدن كله في مجاري مهيأة لذلك بمنزلة المجاري التي تهيأ للماء ليطرد في الأرض كلها وينفذ ما يخرج منه من الخبث والفضول إلى مفايض (٣) قد أعدت لذلك
__________________
ـ تلك الأسباب في ذلك. وبعبارة أخرى ان سنة الله وعادته قد جرت لحكم كثيرة ، فتكون الأشياء بحسب بادي النظر مستندة إلى غيره تعالى ، ثم ـ يعلم ـ بعد الاعتبار والتفكر ـ ان الكل مستند إلى قدرته وتأثيره تعالى ، وانما هذه الأشياء وسائل وشرائط لذلك ومن هنا تحير وافي الصانع تعالى
« من تعليقات البحار »
(١) الواشجة : مؤنث الواشج اسم فاعل بمعنى المشتبك ، يقال : وشجت العروق والاغصان إذا اشتبكت. والمراد بالواشجة هنا الموصلة او الواصلة.
(٢) نكأ القرحة قشرها قبل ان تبرأ فندبت.
(٣) المفايض : المجارى ، مأخوذة من فاض الماء ، وفي بعض النسخ بالغين من غاض الماء غيضا ، أي نضب وذهب في الأرض.