لم يتمكن الفحل منها ألا ترى أنه لا يستطيع أن يأتيها كفاحا (١) كما يأتي الرجل المرأة.
( الفيل ومشفره )
تأمل مشفر (٢) الفيل وما فيه من لطيف التدبير فإنه يقوم مقام اليد في تناول العلف والماء وازدرادهما إلى جوفه ولو لا ذلك لما استطاع أن يتناول شيئا من الأرض لأنه ليست له رقبة يمدها كسائر الأنعام فلما عدم العنق أعين مكان ذلك بالخرطوم الطويل ليسدله فيتناول به حاجته .. فمن ذا الذي عوضه مكان العضو الذي عدم ما يقوم مقامه إلا الرءوف بخلقه؟ وكيف يكون هذا بالإهمال كما قالت الظلمة فإن قال قائل فما باله لم يخلق ذا عنق كسائر الأنعام قيل إن رأس الفيل وأذنيه أمر عظيم وثقل ثقيل فلو كان ذلك على عنق عظيم لهدها وأوهنها فجعل رأسه ملصقا بجسمه لكيلا يناله منه ما وصفناه وخلق له مكان العنق هذا المشفر ليتناول به غذاءه فصار مع عدم العنق مستوفيا ما فيه بلوغ حاجته
__________________
(١) الكفاح ـ بالكسر ـ الملاقاة وجها لوجه.
(٢) المشفر ـ بكسر فسكون ففتح ـ الشفة وتستعمل للبعير الا ان الإمام الصّادق عدل المعنى الى خرطوم الفيل إذ هو بمثابة الشفاه ، بل هو شفاهه الحقيقية التي بها يتناول العلف والماء.