سائر الآكلات فلما لم يكن للدابة يد تتناول بها العلف جعل خرطومها (١) مشقوقا من أسفله لتقبض على العلف ثم تقضمه وأعينت بالجحفلة (٢) لتتناول بها ما قرب وما بعد اعتبر بذنبها والمنفعة لها فيه فإنه بمنزلة الطبق (٣) على الدبر والحياء جميعا يواريهما ويسترهما ومن منافعها فيه أن ما بين الدبر ومراقي البطن منها وضر (٤) يجتمع عليها الذباب والبعوض فجعل لها الذنب كالمذبة (٥) تذب بها عن تلك المواضع ومنها أن الدابة تستريح إلى تحريكه وتصريفه يمنة ويسرة فإنه لما كان قيامها على الأربع بأسرها وشغلت المقدمتان بحمل البدن عن التصرف والتقلب كان لها في تحريك الذنب راحة وفيه منافع أخرى يقصر عنها الوهم فيعرف موقعها في وقت الحاجة إليها فمن ذلك أن الدابة ترتطم في الوحل (٦) فلا يكون شيء أعون على نهوضها من الأخذ بذنبها وفي شعر الذنب منافع للناس كثيرة يستعملونها في مآربهم ثم جعل ظهرها مسطحا مبطوحا على قوائم أربع ليتمكن من ركوبها وجعل حياها بارزا من ورائها ليتمكن الفحل من ضربها ولو كان أسفل البطن كما كان الفرج من المرأة
__________________
(١) الخرطوم : الانف او مقدمه او ما ضممت عليه الحنكين.
(٢) الجحفلة هي لذات الحافر كالشفة للإنسان.
(٣) الطبق ـ بفتحتين ـ مصدر الغطاء جمعه اطباق.
(٤) الوضر ـ بفتحتين ـ مصدر الوسخ.
(٥) المذبة ـ بالكسر ـ ما يذب به الذباب.
(٦) الوحل ـ بفتحتين ـ الطين الرقيق جمعه وحول وأوحال.