في بحار الفكر فرجعت خاسئات وهي حسر فلما استجاب لدعوته العقلاء والفصحاء والخطباء دخل الناس في دينه أفواجا فقرن اسمه باسم ناموسه (١) فصار يهتف به على رءوس الصوامع في جميع البلدان والمواضع التي انتهت إليها دعوته وعلتها كلمته وظهرت فيها حجته برا وبحرا سهلا وجبلا في كل يوم وليلة خمس مرات مرددا في الأذان والإقامة ليتجدد في كل ساعة ذكره ولئلا يخمل أمره فقال ابن أبي العوجاء دع ذكر محمد ص فقد تحير فيه عقلي وضل في أمره فكري وحدثنا في ذكر الأصل الذي نمشي له ثم ذكر ابتداء الأشياء وزعم أن ذلك بإهمال لا صنعة فيه ولا تقدير ولا صانع ولا مدبر بل الأشياء تتكون من ذاتها بلا مدبر وعلى هذا كانت الدنيا لم تزل ولا تزال
( محاورة المفضل مع ابن أبي العوجاء )
قال المفضل فلم أملك نفسي غضبا وغيظا وحنقا فقلت يا عدو الله ألحدت في دين الله وأنكرت الباري جل قدسه الذي خلقك ( فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) وصورك في أتم صورة ونقلك في أحوالك حتى بلغ إلى حيث انتهيت فلو تفكرت في نفسك وصدقك (٢) لطيف حسك لوجدت دلائل الربوبية وآثار الصنعة فيك قائمة وشواهده جل وتقدس في خلقك
__________________
(١) الناموس : الشريعة.
(٢) صدقك : اي قال لك صدقا.