يكف عادية النار إذا اضطرمت وأشرف الناس على المكروه وبه يستحم المتعب الكال (١) فيجد الراحة من أوصابه إلى أشباه هذا من المآرب التي تعرف عظم موقعها في وقت الحاجة إليها فإن شككت في منفعة هذا الماء الكثير المتراكم في البحار وقلت ما الإرب فيه فعلم أنه مكتنف ومضطرب ما لا يحصى من أصناف السمك ودواب البحر ومعدن اللؤلؤ والياقوت والعنبر (٢) وأصناف شتى تستخرج من البحر وفي سواحله منابت العود اليلنجوج (٣) وضروب من الطيب والعقاقير ثم هو بعد مركب للناس ومحمل لهذه التجارات التي تجلب من البلدان البعيدة كمثل ما يجلب من الصين إلى العراق ومن العراق إلى الصين (٤) فإن هذه التجارات لو لم يكن لها محمل إلا على الظهر لبارت وبقيت في بلدانها وأيدي أهلها لأن أجر حملها يجاوز أثمانها فلا يتعرض أحد لحملها وكان يجتمع في ذلك أمران أحدهما فقد أشياء كثيرة تعظم الحاجة إليها والآخر انقطاع معاش من يحملها ويتعيش بفضلها.
( فوائد الهواء والسبب في كثرته )
وهكذا الهواء لو لا كثرته وسعته لاختنق هذا الأنام من الدخان
__________________
(١) الكال اسم فاعل من كلّ : تعب واعيا.
(٢) العنبر هو الطيب والزعفران ، او حوت قد يبلغ طوله نحوا من ٦٠ قد ما ضخم الرأس وله اسنان بخلاف البال والجمع عنابر
(٣) اليلنجوج : العود الطيب الرائحة.
(٤) في نسخة البحار ومن العراق الى العراق .. وما ذكرناه أظهر