قدير وجواد وسائر صفاته كما قد نرى السماء فلا ندري ما جوهرها ونرى البحر ولا ندري أين منتهاه بل فوق هذا المثال بما لا نهاية له ولأن الأمثال كلها تقصر عنه ولكنها تقود العقل إلى معرفته فإن قالوا ولم يختلف فيه قيل لهم لقصر الأوهام عن مدى عظمته وتعديها أقدارها في طلب معرفته وأنها تروم الإحاطة به وهي تعجز عن ذلك وما دونه.
( الشمس واختلاف الفلاسفة في وضعها وشكلها ومقدارها )
فمن ذلك هذه الشمس التي تراها تطلع على العالم ولا يوقف على حقيقة أمرها .. ولذلك كثرت الأقاويل فيها ، واختلفت الفلاسفة المذكورون في وصفها ، فقال بعضهم هو فلك أجوف مملوء ناراً ، له فم يجيش بهذا الوهج والشعاع .. وقال آخرون هو سحابة .. وقال آخرون هو جسم زجاجي ، يقل نارية في العالم ، ويرسل عليه شعاعها .. وقال آخرون هو صفو لطيف ينعقد ماء البحر .. وقال آخرون هو أجزاء كثيرة مجتمعة من النار .. وقال آخرون هو من جوهر خامس سوى الجواهر الأربعة ثم اختلفوا في شكلها .. فقال بعضهم هي بمنزلة صفيحة عريضة وقال آخرون هي كالكرة المدحرجة .. وكذلك اختلفوا في مقدارها فزعم بعضهم أنها مثل الأرض سواء وقال آخرون بل هي أقل من ذلك وقال آخرون بل هي أعظم من الجزيرة العظيمة وقال أصحاب الهندسة هي أضعاف الأرض مائة وسبعين مرة .. ففي اختلاف