أولاً : البعد الغيبي
الإمام الحسين عليهالسلام إنسانٌ سماوي ، متصل بالغيب اتصالاً وثيقا ، فقد رسم له الغيب دورا رساليا ، وحدد له خطوات المسير فنفذها ـ بدقة ـ على الرغم من طابعها المأساوي. يقول الشهرستاني : « تلوح من السيرة الحسينية المثلى انه مسبوق العلم بأنباء من جده وأبيه وأمه وأخيه وحاشيته وذويه بأنه مقتول بسيف البغي ـ خضع أو لم يخضع ، وبايع أو لم يبايع ـ فهلا يرسم العقل الناضج لمثل هذا الفتى المستميت خطة غير الخطة التي مشى عليها حسين الفضيلة ، قوامها الشرع وزمامها النبل » (١).
ومن أجل ذلك فقد رفض كل الدعوات والنصائح التي تدعوه إلى عدم الخروج من مكة ، وتحذره من مغبة التوجه إلى العراق. وهذا الفهم لايتنافى ـ بطبيعة الحال ـ مع الحسابات الواقعية التي كانت تحتم على الإمام عليهالسلام بأن يأخذ زمام المبادرة ، بعد أن استأثر الأمويون بالسلطة ، وطمسوا معالم الدين ، واتخذوا مال اللّه دولاً وعباده خِولاً. اجل لقد تحرك الإمام عليهالسلام على ضوء المعطيات العملية ، ومنها : وصول يزيد الفاسق إلى سدة الحكم ، واكراهه الحسين عليهالسلام على لزوم البيعة له ، ولكن كان هذا
__________________
(١) نهضة الحسين / الشهرستاني : ١٨.