الاتهام الذي تفوّه به الحصين بن نمير ومن شاركه في الرأي ، كما يكشف عن تلك الازدواجية في تصرفاتهم ، فهم يصلون وراء الإمام تارة ، ثم يزعمون تارةً اُخرى بأن صلاته لا تُقبل! ثم يهدّدونه بالقتل ، وينفذون تهديدهم.
علَّق العقاد ـ الأديب المصري المعروف ـ على تلك الازدواجية أو المفارقة العجيبة ، بقوله : « مجمل ما يقال على التحقيق أنّه لم يكن في معسكر يزيد رجل يعينه على الحسين إلاّ وهو طامع في مال ، مستميت في طمعه استماتة من يهدر الحرمات ولا يبالي بشيء منها في سبيل الحطام ... وكان أعوان يزيد جلاّدين وكلاب طراد في صيد كبير. وكانوا في خلائقهم البدنية على المثال الذي يعهد في هذه الطغمة من الناس ، ونعني به مثال المسخاء المشوّهين ، أولئك الذين تمتلى ء صدورهم بالحقد على أبناء آدم ولا سيّما من كان منهم على سواء الخلق وحسن الأحدوثة ، فإذا بهم يفرغون حقدهم في عِدائه وإن لم ينتفعوا بأجر أو غنيمة ، فإذا انتفعوا بالأجر والغنيمة فذلك هو حقد الضراوة الذي لا تعرف له حدود » (١).
بلغ هذا الأسلوب أقسى أشكاله ، عندما انهالت السهام على الإمام وصحبه وهم منهمكون في أداء شعيرة الصلاة ، علما بأن الحسين عليهالسلام ومن معه قد ألقوا السلاح ، وأظهروا السلام واستسلموا للصلاة ، واستأمنوهم
__________________
(١) المجموعة الكاملة لأعمال العقّاد ـ الحسين عليهالسلام أبو الشهداء ٢ : ٤٤٢.