وكان الوليد ومروان يبغيان إخضاع الحسين عليهالسلام ليزيد ، ولكن ذاك بالسياسة ، وهذا بالتهديد.
ولم يتعرض الإمام عليهالسلام وحده لحملة الترهيب اليزيدية ، بل تعرض لها قبل ذلك ـ ولكن بصورة أخرى ـ رسوله وابن عمه مسلم بن عقيل رضى الله عنه ومن ناصره وبايعه في الكوفة ، لمّا بلغ خبر مقتل هانئ بن عروة خرج مسلم عليهالسلام بمن بايعه إلى مواجهة ابن زياد الذي تحصن بالقصر الأميري في الكوفة ، وتمكن من إحكام الحصار عليه ، ففكر ابن زياد في وسيلة يتمكن من خلالها من إلقاء الرعب في قلوب الكوفيين ، فأمر بعض زعماء الكوفة ، وكانوا يتملقون له ويكسبون رضاه من أجل الجاه والنفوذ ، بالإشراف على الجماهير الغاضبة المحتشدة حول القصر ، ومحاولة بث روح التخاذل بين صفوفها من خلال ترهيبهم بعسكر الشام القادم ، فلم يزالوا يخاطبون الناس بأساليب الترغيب والترهيب حتى جاء الليل ، فجعل أصحاب مسلم عليهالسلام يتفرقون عنه ، ويقول بعضهم لبعض ما نصنع بتعجيل الفتنة ، أن نقعد في منازلنا وندع هؤلاء القوم حتى يُصلح اللّه ذات بينهم! (١) ، فلم يبق مع مسلم عليهالسلام سوى عشرة أنفس.
وهكذا كان أثر الدعاية وأساليب الحرب النفسية التي استخدمها اليزيديون من أجل تبريد الهمم واحباط العزائم وبث روح التخاذل.
استخدمت هذه الوسيلة منذ أقدم العصور ، فقد كانت الأقوام والأمم
__________________
(١) اللهوف : ٣٤.