وذلك من خلال مخاطبة الإمام الحسين عليهالسلام أو أحد أصحابه للجيش اليزيدي في عدة مواقف ، الأمر الذي دفع بقادة هذا الجيش أن يصدروا أوامر من أجل إحداث الضجيج والصياح والجلبة والحركة ليحجبوا كلامه عن أسماع المحاربين ، وهذا أسلوب يشبه نوعا ما التشويش الإذاعي الذي تتبعه بعض الحكومات في أوقات الحروب والأزمات في وقتنا الحاضر ، وكانت السلطات اليزيدية تظهر توجسا واضحا من النداءات والخطب والاتصالات التي يلقيها أو يقوم بها الإمام الحسين عليهالسلام وأصحابه ، والتي أحدثت تأثيرا واضحا على عقول ومواقف بعض أفراد الجيش اليزيدي ، فالتحقوا بجبهة الحسين عليهالسلام ، ومنهم كبار الضباط أمثال : الحر بن يزيد الرياحي. وكشاهد على ذلك النوع من الاتصال ما روي انه « لما ضيقوا على الحسين عليهالسلام حتى نال منه العطش ومن أصحابه ، قام عليهالسلام واتكأ على قائم سيفه ونادى بأعلى صوته ، فقال : انشدكم اللّه هل تعرفون أن جدّي رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ؟ قالوا : اللّهم نعم. قال : انشدكم اللّه هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب؟ قالوا : اللّهم نعم. قال : انشدكم اللّه هل تعلمون أن أمي فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى صلىاللهعليهوآله ؟ قالوا : اللّهم نعم .. إلى أن قال : فبم تستحلون دمي وأبي صلوات اللّه عليه الذائد عن الحوض يذود عنه رجالاً كما يُذاد البعير الصادر عن الماء ..؟ قالوا : قد علمنا ذلك كله! ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشا!! » (١).
__________________
(١) اللهوف في قتلى الطفوف / السيد ابن طاوُس : ٥٢ ـ ٥٣.