ويندفع مع نزقه فيما يعترضه من الصعاب من غير تقدير لما وراءها من المخاطر ، ومن أجل ذلك وقف من بيعته موقف الرافض ، واعتبر البيعة ليزيد من أخطر الاحداث على مصير الامة ومقدراتها ، ولم يجد بدّا من مقاومتها ، وهو يعلم بأن وراء مقاومته الشهادة ، وان شهادته ستؤدي دورها الكامل وتصنع الانتفاضة تلو الأخرى حتى النصر ، ولم يكن باستطاعة يزيد مواجهتها بالاساليب التي اعتاد أبوه تغطية جرائمه بها ، لأنه كما وصفه بعض المؤرّخين من أبعد الناس عن الحذر والحيطة والتروي ، صغير العقل متهور ، سطحي التفكير ، لا يهمّ بشيء إلاّ ركبه. ومن كان بهذه الصفات لابدَّ وأن يواجه الأحداث بالأسلوب الذي يتّفق مع شخصيته ، وهو ما حدث في النهاية بالنسبة إليها وإلى غيرها من المشاكل التي واجهته خلال السنين الخمس التي حكم فيها بعد أبيه » (١).
وقد يزعم البعض أن الحسين عليهالسلام لو استعمل التقية وصافح يزيد لاتقى ببيعته شر أُمية ، ونجا من مكرها ، وصان حرمته ، وحفظ مهجته. لكن ذلك وهم ، فان يزيد المتجاهر بالفسوق لا يقاس بمعاوية الداهية المتحفظ ، فبيعة مثل الحسين عليهالسلام لمثل يزيد غير جائزة بظاهر الشريعة ، ولذلك تخلّف عن بيعته سعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن أبي بكر ، وعبد اللّه بن عمر ، وعبداللّه بن الزبير وغيرهم ، فأنكروا على معاوية استخلاف يزيد ،
__________________
(١) من وحي الثورة الحسينية / هاشم معروف الحسني : ٢١ ، دار القلم ، بيروت.