سنة ستين للهجرة أعلن الحسين عليهالسلام ثورته على خلفه يزيد ، ودعا العالم الإسلامي لنصرته ومؤازرته على استئصال جرثومة الشر والفساد من جسم الأمة الإسلامية ، معلنا للرأي العام الإسلامي دوافع نهضته ، قال لهم : « إنّي لم أخرج بطرا ولا أشرا ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنّما خرجت أطلب الصلاح في أُمة جدي محمد ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، أسير بسيرة جدي وسيرة أبي علي بن أبي طالب ، فمن قبلني بقبول الحق فاللّه أولى بالحق ، وهو أحكم الحاكمين » (١).
وينبغي الإشارة هنا إلى أنه لما ثار في النهاية على الحكم الأموي متمثلاً في يزيد بن معاوية ونظامه ، لم تكن نهضته رعاية لمصلحته وعاطفته ، فتاريخه الشخصي وتاريخ أبيه وأخيه يشهد بأن مواقفهم تقوم دائما على رعاية مصالح الإسلام العليا ، ومصالح المسلمين من جميع الجهات.
كان عليهالسلام يرى ـ مع غيره من قادة الرأي في المسلمين ـ أن تسنُّم يزيد ابن معاوية ذروة السلطة ، إذا نال الشرعية ولو بالسكوت عنه ، فإنه يشكل خطرا على الإسلام كدعوة ودين ، وكان واضحا منذ البداية أن نظام يزيد لايكتفي من الحسين عليهالسلام وغيره من قادة الرأي بمجرّد السكوت عنه ، لقد كان يريد اعترافا رسميا واضحا بشرعيته ، كان يريد منهم البيعة ليزيد.
والحسين عليهالسلام كما كان يعرف معاوية وأساليبه « كان يعرف أن خليفته الجديد محدود في تفكيره ينساق مع عواطفه وشهواته وتلبية رغباته الى أبعد الحدود بارتكاب المحارم والآثام والتحلل من التقاليد الاسلامية ،
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٤ : ٨٩.