انصرف بنفسي أنت ، فواللّه ما تسير إلاّ إلى الأسنّة والسيوف ، ولا تتكلنّ على الذين كتبوا لك ، فإنّ أولئك أوّل الناس مبادرة إلى حربك. فقال له الحسين : قد ناصحت وبالغت ، فجزيت خيرا » (١).
كان الحسين عليهالسلام يكتب باستمرار إلى أنصاره وشيعته في الولايات والبلدان ، وخاصة إلى اليمن والكوفة والبصرة ، وهي المناطق المعروفة بحب آل البيت عليهمالسلام وموالاتهم ، ينقل تعليماته إليهم ويطلع على كل المستجدات ، ولكن وسيلة المكاتبات هذه لا يمكن الاعتماد عليها كليا في الحصول على المعلومات ونقلها ، وذلك لأن حامل الكتاب في بعض الاحيان يقع في فخ مخابراتي ويُكتشف أمره ويتعرض بالتالي إلى العقوبة القاسية أو يتعرض للتعذيب من أجل الكشف عن الجهة المكلف بإرسال الكتاب إليها ، كما حصل مع قيس بن مسهر الصيداوي الذي كلفه الحسين عليهالسلام بايصال كتاب سري للغاية إلى سليمان بن صرد الخزاعي والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد وجماعة الشيعة بالكوفة ، فلما قارب دخول الكوفة اعترضه الحصين بن نمير ـ صاحب عبيد اللّه بن زياد ـ ليفتشه ، فأخرج قيس الكتاب ومزّقه ، فحمله الحصين بن نمير إلى عبيد اللّه ، فلما مَثُل بين يديه قال له : من أنت؟ قال : أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام وابنه. قال : فلماذا خرَّقت الكتاب؟ قال : لئلا تعلم ما فيه. فحاول عبيد اللّه التحقيق
__________________
(١) المصدر السابق : ١٨٦.