وحتّى الكلمات الأخيرة التي تلفّظ بها سيد الشهداء حين سقط على الأرض إنّما تعكس هذه الروح من الصبر والصمود ، إذ قال مخاطبا ربّه : « صبرا على قضائك ، ولا معبود سواك ، يا غياث المستغيثين » (١).
الوفاء معناه التمسك بالعهد والثبات على الميثاق والعمل بالواجب الانساني والاسلامي في ازاء شخص آخر جدير بذلك. وهذه الخصلة من أولويات معجم عاشوراء ، ولها في قاموس الشهداء مكانة رفيعة ، وهي من أشرف الخصال ودليل على المروءة. قال علي عليهالسلام : « أشرف الخلائق الوفاء » (٢).
وكانت عاشوراء ساحة وفاء من جهة ، وغدر من جهة اُخرى ، وضرب العباس بن علي عليهالسلام مثلاً في الوفاء ، فقد رفض كتاب الأمان الذي عرضه شمر بن ذي الجوشن عليه. ولم يترك أخاه الحسين وحيدا ، وقدم أخوته الثلاثة فداءً له.
وعلى الضدّ من موقف أهل الكوفة الذين كتبوا الى الحسين عليهالسلام يدعونه ، ولما جاءهم غدروا به ، وهبّوا لقتاله ، وقف آخرون على العهد وضحّوا بأنفسهم فداءً للحسين عليهالسلام ، وهم الذين أشارت اليهم الزيارة : « السلام على الأرواح التي حلّت بفِنائك » (٣).
__________________
(١) ينابيع المودّة / القندوزي ٢ : / ١٧٤ الباب الحادي والستون.
(٢) غرر الحكم : ٢٨٥٩ ، عيون الحكم والمواعظ / الليثي الواسطي : ١١٧.
(٣) كامل الزيارات / ابن قولويه : ٣٧٦ ، مؤسّسة النشر الإسلامي ط١ ـ ١٤١٧ ه.