قناعته رأسا على عقب ، فرجَّح خِيارَ الحربِ على السِّلم ، واطلق إشارة بدأ القتال بسهم من قوسه معلنا الحرب على أبناء الرسول صلىاللهعليهوآله !
أدرك الحسين عليهالسلام أن القتال أصبح خيارا لا مفرّ منه ، بعد أن تلاشت آماله في السَّلام المشرِّف ، وواجه الحقيقة المرّة من حيث كونه محاصر من جميع الجهات ، ومصدود عن الماء ووسائل التموين والإعاشة ، مع كل ذلك لم يقف مكتوف اليدين ، بل أعدّ قواته للدفاع المستميت ، وقام بجملة من الأعمال التمهيدية ، كان من أبرزها ما يلي :
١ـ انتخب موضعا بنى فيه مقر قيادته ، حيث أمر بفسطاط فنصب عند الصباح من يوم المواجهة.
٢ـ رتّب موضعه الدفاعي بالعمق ، فبعد أن وجد معسكره في بقعة جرداء لا تتوفر فيها مزايا الدفاع ، سبرَ غور الوهاد والأنجاد ، وأشرف على سلسلة هضاب وروابي تليق حسب مزاياها الطبيعية بأن تتخذ للحرم والخيم ، وكانت الرَّوابي والتلال متدانية على شاكلة الهلال ، وهو المسمى ( الحير ) أو ( الحائر ) .. ثم أن الإمام الحسين عليهالسلام رأى بجنب هذه وجنوبها رابية مستطيلة أصلح من اختها للتحصن ، لأن المحتمي بفنائها يكتنفه من الشمال والغرب ربوات تقي من عاديات العدو برماة قليلين من صحب الإمام الحسين عليهالسلام ، اذا اختبأوا في الرَّوابي ، وتبقى من جهتي الشرق والجنوب جوانب واسعة تحميها أصحاب الإمام الحسين عليهالسلام ورجاله ، ومنها يخرجون إلى لقاء العدو أو تلقّي الرُّكبان ، فنقل إلى هذا الموضع حرمه