وهي وسيلة إعلامية قوية سواء قبل الإسلام أو بعده ، حيث ينقل الخطيب آراءه ومواقفه للجماهير بصورة مباشرة ، فيحدث فيهم التأثير المطلوب وخاصة إذا كان الخطيب مفوها يمتلك ناصية الفصاحة والبيان وقوة الحجة والقدرة على التأثير والإقناع ، وتأجيج المشاعر وإثارة العواطف ، وبالنتيجة سيتمكن من استمالتهم نحو قضيته.
والإمام الحسين عليهالسلام كما يقول الكاتب الكبير عباس محمود العقاد : « قد أوتي ملكة الخطابة من طلاقة لسان وحسن بيان وغنة صوت وجمال إيماء » (١) لذلك استفاد من قدراته الخطابية ، فلم يترك فرصة إلاّ واغتنمها في سبيل إيصال صوته ، وكان لخطبه الأثر البالغ في زعزعة بعض أفراد الجيش المعادي عن مواقفهم والتحاق قسم منهم بمعسكره عليهالسلام ـ كما نوهنا سالفا ـ وقد استعرضنا شواهد من خطبه في فقرة الاتصال الجمعي ، وهنا نلفت النظر إلى أن خطب الحسين عليهالسلام غير موجهة لأعدائه فحسب ، بل إنّ كثيرا ما خاطب أهل بيته وأصحابه ، فكانت خطبه بمثابة المصل الواقي الذي يمنحهم المناعة ضد جراثيم الدعاية اليزيدية التي تهدف إلى التشكيك بقضيتهم العادلة ، وفك عُرى التلاحم والتناصر فيما بينهم وبين قائدهم
__________________
(١) المجموعة الكاملة لأعمال العقّاد ـ الحسين أبو الشهداء ٢ : ١٩١ ، دار الكتاب اللبناني ، ط١ ـ ١٩٧٤ م.