الإمام الحسين عليهالسلام. فكان ( سلام اللّه عليه ) يتبع مع أهل بيته وأصحابه مبدأ المصارحة والمكاشفة ، وهو أسلوب يقول عنه علماء الإعلام بأنه من أهم وسائل مكافحة الشائعات ، التي تكثر ـ عادة ـ أوقات الحروب والأزمات.
كان الحسين عليهالسلام يوجه خطبه أولاً إلى أصحابه بغية ترصين جبهته الداخلية وتخليصها من العناصر الدخيلة. ومن الشواهد الدالّة على ذلك أنه لما عزم على الخروج إلى العراق قام خطيبا فقال : « الحمد للّه ما شاء اللّه ، ولا قوة إلاّ باللّه ، وصلّى اللّه على رسوله ، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة. وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف ، وخير لي مصرع أنا ملاقيه » ثم أضاف قائلاً : « من كان باذلاً فينا مهجته ، وموطّنا على لقاء اللّه نفسه ، فليرحل معنا فانني راحل مصبحا إن شاء اللّه تعالى » (١).
هذه خطبته في مستهل حركته ، أما عندما اشتدّ الخناق عليه بورود كتاب عبيد اللّه بن زياد إلى الحر الرياحي يأمره بالتضييق الشديد على الحسين عليهالسلام ، حينئذ قام بأصحابه خطيبا ، فحمد اللّه وأثنى عليه غاية الثناء ، وذكر جده المصطفى فصلى عليه ، ثم قال : « قد نزل ما ترون من الأمر ، وإن الدنيا قد تنكّرت وتغيرت وأدبر معروفها ، واستمرت حتى لم يبقَ منها إلاّ صبابة كصبابة الاناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون إلى الحق لا يعمل به ، والباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في
__________________
(١) اللهوف : ٣٨.